MAROCO KENITRA

MAROCO KENITRA AIN SBA3

كيف تتخلص من الغضب.

كيف تتخلص من الغضب


هذا وإن المتأمل في أحوالنا اليوم يجد كثيرا منا يغلبه الغضب ويلعب به ويجعله يتصرف كالصبي لأتفه الأمور وقد يصدر هذا التصرف عن إنسان متعلم ومثقف وحريص على الخير وهذا مؤشر سيء لمستوى أخلاقنا. وكم يندم المرء على تصرفات وأقوال فعلها حال الغضب وتسببت له بمشاكل قديمة وربما تبعها ظلم لأشخاص طيبين غابوا عن النظر فلا يملك إلا أن يدعوا لهم ويستغفر لهم.

أنين الصمت
كيف تتخلص من الغضب
 بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فلا شك أن الغضب جمرة خبيثة في القلب من عمل الشيطان له آثار سيئة في حياة المؤمن قد تفسد منفعته في الدنيا وآخرته وتوقعه في المآثم وتشوش علاقته بالآخرين إلى آخر ذلك من المفاسد والشرور التي تجلبها.

والإنسان الغضوب دائما وفي كل مناسبة يعيش حالة مرضية تعكر صفو حياته وتوقعه دائما في الإحراج الذي ينتهي به إلى ذل الاعتذار والترخص ممن أساء إليهم وهذا يحتاج إلى جلسات علاج ودعاء صادق وترويض للنفس واستشفاء بالقرآن ليس هذا موضع الكلام عنه. وفي المقابل الرجل الحليم الذي لا يكاد يعرف الغضب إلا نادرا لكرمه ونبله وحكمته وسعة أفقه فهذا من أسعد الناس وأطيبهم عيشة فهنيئا له.

إنما الكلام هنا عن الشخص الطبيعي المتوسط المزاج الذي ينتابه الغضب أحيانا ويؤثر عليه ويجره إلى أخطاء وأخطار ويسبب له إشكالات في علاقاته فهذا حري به أن يجتهد ويناقش ويتثقف ليتخلص من الغضب بالكلية أو يخفف من حدته ومع الوقت سينجح كثيرا إذا كان ذا همة وقرار وعنده قدرة على التغيير والله الموفق للعبد إذا علم منه الصدق والإخلاص.

وسأبين الخطوات التي تخلصه من الغضب:
أولا: أن يدرك أن الغضب جماع الشر كله في باب الأخلاق وأن تركه سبب لجميع خصال الخير ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي استوصاه في خصال الخير بأن لا يغضب ثم كرر عليه ترك الغضب وهذا يدل على أن من تمكن من اجتناب الغضب كله تحلى بخصال الخير لأن الغضب يفسد الأخلاق وقال جعفر بن محمد: (الغضب مفتاح كل شر)..
ثانيا: أن يتأمل الإنسان في شخصيته ويعلم مدى تأثره بالغضب ويعلم الأسباب والملابسات التي تهيج غضبه وتستدعيه فمتى ما علمها تجنبها بالكلية ولم يباشرها أو خفف منها ما استطاع.
ثالثا: أن يتجنب الحالات التي يتوتر فيها عادة وتسبب له الغضب مثل قلة النوم والاستيقاظ من النوم والجوع والسفر وكل إنسان تختلف طبيعته ودرجة تأثير هذه الأمور فيه فمتى ما عرفها لزم الانفراد ولم يخالط أحدا في هذه الساعة.
رابعا: أن لا يستجيب لانفعالاته تجاه التصرفات الاستفزازية ويتحكم في ردة فعله لأن بعض السفهاء يستمتعون في استغضاب الآخرين فلا ينبغي للعاقل أن يلق لهم بالا والحكمة مع السفهاء ترك الرد عليهم لأن مجاراتهم تخرج الإنسان من الوقار والسكينة إلى الجهل وليس معهم علاج أنفع من السكوت.
خامسا: أن يتفهم أن كثيرا من الإساءات الموجهة له عفوية لا يقصد بها إهانته والحط من قدره وقد تكون غير مقصودة أصلا وفاعلها ربما يمر بظرف سيء وضغوط أثرت على سلوكه وتعامله.
سادسا: أن يجتهد في التخلص من أثر الغضب إذا ثار وعدم الاستجابة له ومن أعظم ما يسكن الغضب التعوذ من الشيطان الرجيم قال تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). وفي الصحيحين عن سليمان بن صرد قال: كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورجلان يستبان فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد). فقالوا له: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( تعوذ بالله من الشيطان ) فقال : وهل بي جنون.
سابعا: ومن الخطوات العملية التي تذهب الغضب وتخففه أن يغير الغاضب هيئته من القيام إلى الجلوس ومن الجلوس إلى الاضطجاع والعكس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (قال (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع). رواه أحمد.
ثامنا: ومن المفيد أيضا أن ينتقل ويغير مكانه من مكان الغضب ويشتغل بأمر يحبه ليروح عنه ويسليه حتى تهدأ نفسه ويسكن غضبه فإن القلب يخف عليه الوارد ويسكن إذا طرأ عليه أمر محبوب.
تاسعا: ومن أنفع ما يسكن الغضب الاشتغال بذكر الله من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير لأن ذكر الله يطرد الشيطان ويبطل تأثيره ويجلب الطمأنينة للقلب قال تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ). قال عكرمة: يعني إذا غضبت. والنفس تهدأ وترتاح من الهم والغضب والحزن إذا ذكرت الله وأثنت عليه وسبحته.
عاشرا: وأهم تصرف يقي من شرور الغضب لزوم السكوت مطلقا وعدم الرد بالقول أو الفعل لأنه إذا تكلم أو فعل في هذه الحالة فعقله مغلق لا يدرك ما يصدر منه مما يعرضه للندم الشديد إذا فاق وسكوته يمنع هذا كله وفي الحديث: (علموا ويسروا ولا تعسروا وإذا غضب أحدكم فليسكت). رواه أحمد. وإذا سكت سيهدأ الطرف الآخر ويمر الموقف بسلام.
حادي عشر: المبادرة بالوضوء فإن الوضوء له أثر عظيم في طهارة الظاهر والباطن و إخماد الغضب والتحصن من تسلط الشيطان ويروى في مسند أحمد: (إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوض).
ثاني عشر: أن تتفكر وتتأمل في عظم جزاء كظم الغيظ وعدم إنفاذه وأنه من صفات المتقين كما قال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). وفي الحديث: (من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء). رواه الترمذي وحسنه. وهذا أمر يحتاج إلى تمرين ومجاهدة واستعانة بالله.
ثالث عشر: أن يعلم أن ترك الغضب في أمور الدنيا والتحلي بالحلم والعفو والإعراض عن الجاهل من أجمل أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان لا يغضب إلا لله كما قالت عائشة رضي الله عنه: (ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها). متفق عليه. فينبغي للمؤمن أن يهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقتدي به.

رابع عشر: اعلم أخي أن تسلط الغضب عليك يأمرك بأفعال وأقوال مشينة يعد من الضعف والخور المذموم وليس من الرجولة والشجاعة وإنما القوة والشدة في تملك النفس عند الغضب والسيطرة عليها من السفه والجهل ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب). وقال مورق العجلي: (ما امتلأت غيظا قط ولا تكلمت في غضب قط بما أندم عليه إذا رضيت).

هذا وإن المتأمل في أحوالنا اليوم يجد كثيرا منا يغلبه الغضب ويلعب به ويجعله يتصرف كالصبي لأتفه الأمور وقد يصدر هذا التصرف عن إنسان متعلم ومثقف وحريص على الخير وهذا مؤشر سيء لمستوى أخلاقنا. وكم يندم المرء على تصرفات وأقوال فعلها حال الغضب وتسببت له بمشاكل قديمة وربما تبعها ظلم لأشخاص طيبين غابوا عن النظر فلا يملك إلا أن يدعوا لهم ويستغفر لهم.

اسعار البنزين المهرب بالجهة الشرقية تبلغ أرقاما قياسية بسبب تشديد الخناق على الحدود

 اسعار البنزين المهرب بالجهة الشرقية تبلغ أرقاما قياسية بسبب تشديد الخناق على الحدود


الأخبار

عرفت أسعار المحروقات المهربة بأسواق الجهة الشرقية اخيرا ارتفاعا كبيرا بمستويات قياسية لا تعرفها عادة إلا في بعض المناسبات كالاعياد.

وأكدت مصادر مطلعة، أن صفيحة "المازوت" من فئة 30 لترا ارتفعت بنسبة تجاوزت 25 في المائة، وأصبح ثمنها في اسوق بني ادرار 130 درهما عوض 100 درهم في الاوقات العادية، لتصل الى 140 في مدينة وجدة والنواحي، وترتفع كلما ابتعدت المناطق عن الشريط الحدودي.

ووفق المصادر نفسها فأسعار البنزين وهي الاخرى ارتفت بشكل مفاجئ وبلغت أوجها أواخر الاسبوع الماضي، حيث وصلت في بعض المناطق المجاورة لبلدة بني أدرار (20 كلم عن وجدة) 200 للصفيحة في الوقت الذي لم يكن ثمنها يتعدى 130 درهما.

الضرب.. والمرأة.. والشريعة الإسلامي

 الضرب.. والمرأة.. والشريعة الإسلامي

من بين القضايا الشائكة التي أرقتني زمنا ، مايطالعنا به الرأي العام الألماني من حين للآخر من خلال وسائله الأعلامية المسموعة والمقروئة والمكتوبة ، أن الأسلام لايكرم المرأة، خاصة فيما يتصل بحقوقها ومكانتها وكرامتها ، وأن المسلمين يسيؤون معاملتها وأنها مجرد متاع لاشخصية ولا قيمة لها، ويقولون أن إمتهان المرأة وتحقيرها والأعتداء عليها بالضرب إنما تجيزه الشريعة الأسلامية ، وأنه منصوص عليه في القرآن الكريم .

ومن المشاهد التي آلمتني جدا، ندوة حول الاسلام في التلفزيون الالماني، أدارته السيدة كريستيان هانز الخبيرة في إدارة مثل هذه الندوات النارية المغرضة، قالت: أنه تم إستجواب شعبي في ألمانيا حول قضية إعتداء المسلمين على النساء وضربهن وإهانتهن وتزويجهن بالقهر من أزواج لايرغبن في الأقتران بهم، وكانت نتيجة الأستفتاء ان 93% من الشعب الألماني يعتقد ذلك...

والأشكالية المطروحة الآن هي : هل ضرب المرأة يحل الخلافات الزوجية ؟

ولكي نهتدي الى روح التوجيه الاسلامي في هذا الامر ،لابد أن نعترف أن قضية ضرب المراة كوسيلة لحل الإشكاليات الزوجية ، قضية تثير كثيرامن الخلافات والمشاعر خاصة في الأوضاع الثقافية والحضارية المعاصرة ، وهي تحتاج الى تدقيق وتحري عميق في ظل الثوابت والمتغيرات . وإذا كنا بصدد النظر في موضوع الضرب وما يستتبعه من مشاعر المهانة والأذى البدني ، فإننا في البداية نعلم كقاعدة أساسية نفسية عامة ، أن الأذى والخوف والأرهاب النفسي تورث السلبية والكره والأنصراف ، وأن الحب والتكريم والثقة تولد الأيجابية والأقبال والبذل . كما أننا نعلم ايضا ان مجتمعنا عانى ومازال يعاني من ممارسات التعسف والإذلال، وثقافة الوصاية والأستبداد، بحيث أنه في كثير من مرافق حياتنا لايقتصر الإستبداد والتسلط على السيد فقط ،وإنما يتعداه الى آفاق أخرى، فنراه بين المدرس والتلميذ، والكبير والصغير، والرئيس والمرؤوس ، والرجل والمراة ، لتشمل في مجملها ودلالاتها الإجتماعية القوي والضعيف . وذلك على عكس مفاهيم الإسلام في الإخاء والتضامن < كالبنيان يشد بعضه بعضا > و< كالجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر البدن بالسهر والحمى > حيث ان < المسلم اخو المسلم لايظلمه ولا يحقره ولا يخذله، بحسب امرئ من الشر ان يحقر اخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه.ومن لايرحم الناس لايرحمه الله > . وتثور قضية الضرب في ترتيبات العلاقة الأسرية والإنسانية بشكل حاد ، وتاخذ موقعا خاصا حيث انه ورد ت الإشارة اليها في نص قرآني، ولأن تأويلاتها التاريخية والتراثية إنصرفت وانصرفت أفهام الناس وممارساتهم فيها الى معاني اللطم والصفع والجلد وماشابهه ،ومايستتبع ذلك من مشاعر الألم والمهانة بغض النظر عن قدر المهانة ومدى هذا الألم أو الأذى البدني ، الذي قد تتراوح الفتاوى فيه بين الضرب < بالسواك > وما شابهه ، <كفرشاة الأسنان > و < قلم الرصاص > ، وذلك في ما روي عن عطاء عن إبن عباس رضي الله عنه حين سأله عن معنى < الضرب غير المبرح > فيكون الضرب هنا أقرب الى التأنيب والتعبير عن عدم الرضا والغضب بين الأزواج ، أكثر منه تعبيرا عن معاني المهانة والأذى. والنص القرآني الذي يتعرض لموضوع < الضرب > هو الآية الرابعة والثلاثون من سورة النساء، في قول الله سبحانه وتعالى :< الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من اموالهم ، فالصالحات قانتات حافضات للغيب بما حفظ الله ، والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، إن الله كان عليا كبيرا، وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من اهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ، إن الله كان عليما خبيرا > سورة النساء 34.35 فإذا نظرنا الى مجمل الآيات في هذا الشأن وفي ضوء مجمل الشريعة الإسلامية وفي ضوء القدوة النبوية ، نجد أن جوهر العلاقة الزوجية هو مشاعر المودة والرحمة والرعاية والإحسان ، لذلك يصبح من المفهوم لدينا لماذا يثور التساؤل عن معنى< الضرب > بمعنى الإيلام والمهانة ، وعن موقع ذلك من مفهوم العلاقة الاسلامية الزوجية ،خاصة حين يؤخذ في الحسبان ما تتعرض له كثير من النساء من ممارسات التسلط والقسوة المادية والمعنوية ، وبسبب بعض ما يردد تجاوزا وتعسفا من منطوق الفتاوى التراثية التي تبالغ في إطلاق سلطة الرجل في إدارة شؤون أسرته باعتباره رأس الأسرة، متجاهلين ان مؤسسة الأسرة يجب أن تقوم على التواد والتكامل والتعاون والتكافل ، لايصح أن يساء فهم دلالات النصوص الشرعية ، وأن تستغل لكي تصبح المراة والأسرة أشبه بالقطيع المملوك.

لايمكن أن يكون القهر والضرب وسيلة مقصودة لإرغام المرأة على غير إرادتها ورغبتها في المعاشرة ، كما ان الضرب على أي حال من الأحوال ليس وسيلة مناسبة لإشاعة روح المودة بين الزوجين ، وإذا نظرنا الى الترتيبات التى وردت في الآية الكريمة من سورة النساء، التي تهدف الى إصلاح ذات البين بين الزوجين حين تطل من الزوجة روح النشوز والتمرد والعصيان ، نجد هذه الترتيبات على قشمين : القسم الأول يتعلق بحل إشكال النشوز من دون تدخل طرف أجني ، ويتم على مراحل ثلاث : 1 عضوهن. 2 اهجروهن . 3 اضربوهن .... والقسم الثاني : اللجوء الى خاصة أهلهم للنظر فيما شجر بينهما . هكذا فإن الخطوة الأخيرة من خطوات حل النزاع بين الزوجين داخل الأسرة هو < الضرب > < واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا > النساء : 34. وهو ما يعنينا هنا فهمه ودلالاته ضمن إطار إصلاح ذات البين . والسؤال : مامعنى الضرب هنا ؟ هل هو اللطم أو الصفع أو الجلد أو سوى ذلك من الوان الضرب المعروف لدينا المؤدي الى الألم والأذى الجسدي والمهانة النفسية، والذي يهدف الى قهر المرأة وإخضاعها للمعاشرة كرها ، وعلى غير رغبتها ؟!، وإذا كان الأمر كذلك فما هي الغاية من ذلك الإخضاع ؟!، وهل مثل هذا القهر والإخضاع بوسائل الألم والمهانة يعين نفسيا على توليد مشاعر المحبة والرحمة والمودة بين الأزواج ، ويحكم صلات الولاء والإنتماء ، ويقوي دوافع العفة وحفظ الغيب ،ويحمي كيان الأسرة من الإنهيار والتفكك، وهل الضرب من العوامل التي تقوي رغبة المرأة في البقاء في الأسرة والحفاظ عليها ؟!، وهل يمكن لهذا الضرب أن يقهر المرأة المسلمة المدركة لحقوقها وكرامتها الإنسانية كما تشيعها ثقافة العصر، أو ان يرغمها ذلك على البقاء في أسر الزوج وتعسفه وكريه عشرته، وهو لايتورع ان ينالها بالضرب والمهانة ، متخذا الإشارة اللفظية القرأنية مبررا لقسوته واستغلاله للظروف التي قد تجبر بعض النساء على الصبر بسبب الحاجة المادية او الخوف على الأبناء .

وإذا كان للمرأة حق< الخلع > فلا شك أن < الضرب > والإيلام والمهانة لا مجال له في العلاقات الزوجية وقهر المعاشرة ، بل إنه يضعف الروابط الأسرية ويدفعها ويسرع بها الى التفكك والإنهيار. ولذلك فإنه من الضروري النظر في الأمر بعمق وإدراك دلالاته وابعاده الحقيقية قبل القول بان ذلك هو المقصود منه على أيصورة من الصور . وإذا كان لايبدوا أن للعنف والأذى والقهر مجالا في العلاقات الزوجية ، فما هو القصد إذا من تعبير < الضرب > في السياق القرآني بصدد إزالة أسباب الشقاق الزوجي وحل خلافاته ؟!

وفي سياق الجواب على هذا التساؤل الخلاق ، لابد من عرض وجوه المعاني التي جاء فيها لفظ < الضرب > ومشتقاته في القرآن الكريم ، وهي كما يلي : < وضرب الله مثلا > وقد تعدد هذا التعبير في أماكن كثير في القرآن الكريم.النمل76 < وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة > النساء 101 ، < فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا > الكهف 11 ، < افنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين > الزخرف 5 ، <كذلك يضرب الله الحق والباطل > الرعد 17 ، < وليضربن بخمرهن على جيوبهن > النور 31 ، < أن أسربعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا > طه 77 ، < وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله > وهناك آيات قرآبية اخرى لايتسع المجال الى ذكرها تصب في هذا المعنى . فإذا أمعنا النظر في الآيات السابقة كافة نجد فيها معنى العزل والمفارقة والإبعاد والترك ، فالشيء يضرب مثلا أي يستخلص ويميز حتى يصبح جليا واضحا ، والضرب في الأرض هو السفر والمفارقة، والضرب على الأذن هو منعها عن السماع ، وضرب الصفح عن الذكر هو الإبعاد والإهمال والترك ، وضرب الحق والباطل تمييزهم وتجليتهم مثلا ، وضرب الخمر على الجيوب هو ستر الصدر ومنعه عن الرؤية ، وضرب الطريق في البحر شقه ودفع الماء جانبا . وهكذا فإن عامة معاني كلمة < الضرب > في السياق القرآني هي بمعنى العزل والمفارقة والإبعاد والدفع ، فما هو المعنى المناسب لكلمة < الضرب > في سياق فض النزاع بين الزوجين في قوله تعالى : < واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا > النساء 34. وهذا الفهم لمعنى < الضرب > بمعنى المفارقة والترك والإعتزال تؤكده السنة النبوية الفعلية حين فارق رسول الله صلى الله عليه وسلم بيوت زوجاته حبن نشب بينه وبينهن الخلاف، ولم يتعضن وأصررن على عصيانهن وتمردهن رغبة في شيئ من رغد العيش ، فلجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الى < المشربة > شهرا كاملا تاركا ومفارقا لزوجاته ومنازلهن ، مخيرا أياهن بعدها بين طاعته والرضا بالعيش معه على ما يرتضيه من العيش، وإلا إنصرف عنهن وطلقهن في إحسان < عسى ربه إن طلقكن ان يبدله أزواجا خير منكن > التحريم 5. وهو عليه افضل الصلاة والسلام لم يتعرض لاي واحدة منهن خلال ذلك باي لون من ألوان الأذى الجسدي أو اللطم أو المهانة بأي صورة من الصو،ولو كان الضرب بمعنى الأذى الجسدي والنفسي أمرا إلهيا، ودواءا ناجعا لكان عليه السلام أول من يبادر إليه ويفعل ويطيع . هكذا حين رأت الزوجات جد الأمر وغضب أهليهن وقد إفتقدن العشرة النبوية الرضية ، كان ذلك كافيا ليعدن الى صوابهن ويدخلن في طاعته والقناعة بالعيش الى جانبه على مايحب ويرضى .

ولذلك فالراجح ومن خلال كل المعطيات السابقة ، نستطيع القول أن المعنى المقصود ب < الضرب > في السياق القرآني بشأن ترتيبات إصلاح العلاقة الزوجية إذا أصابها عطب ونفرة وعصيان، هو مفارقة الزوج زوجته وترك دار الزوجية ، والبعد الكامل عن الدار كوسيلة اخيرة لتمكين الزوجة من إدراك مآل سلوك النفرة والنشوز والتقصير في حقوق الزوجية ليوضح لها أن ذلك لابد ان ينتهي الى الفراق و << الطلاق >> وكل مايترتب عليه من آثار خطيرة خاصة لو كان هناك بينهما أطفال . إن معنى الترك والمفارقة أولى هنا من معنى< الضرب > بمعنى الإيلام والأذى الجسدي والقهر والإذلال النفسي، لأن ذلك ليس من طبيعة العلاقة الزوجية الكريمة، ولا من طبيعة علاقة الكرامة الإنسانية، وليس سبيلا مفهوما الى تحقيق المودة والرحمة والولاء بين الأزواج، خاصة في هذا العصر وثقافته ومداركه وإمكاناته ومداخل نفوس شبابه . ولأن هذا المعنى كما رأينا تؤيده السنة النبوية الفعلية الشريفة كوسيلة نفسية فعالة لتحقيق أهداف الإسلام ومقاصده الكبرى في بناء الأسرة على المودة والرحمة والعفة والأمن